responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 546
مُحَافَظَةً عَلَى تَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا فَوَاتَ لِلْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ، وَمَسْأَلَةُ الْحِيَلِ الشَّرْعِيَّةِ لَعَلَّنَا نَتَعَرَّضُ لَهَا فِي سُورَةِ ص وَفِيهَا تَمْحِيصٌ.
وَقَوْلُهُ: فَجَعَلْناها نَكالًا عَادَ فِيهِ الضَّمِيرُ عَلَى الْعُقُوبَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ قَوْلِهِ: فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً. وَالنَّكَالُ بِفَتْحِ النُّونِ الْعِقَابُ الشَّدِيدُ الَّذِي يَرْدَعُ الْمُعَاقَبَ عَنِ الْعَوْدِ لِلْجِنَايَةِ وَيَرْدَعُ غَيْرَهُ عَنِ ارْتِكَابِ مِثْلِهَا، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ نَكَلَ إِذَا امْتَنَعَ وَيُقَالُ نَكَّلَ بِهِ تنكيلا ونكالا معنى عَاقَبَهُ بِمَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْعَوْدِ. وَالْمُرَادُ بِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا مَا قَارَنَهَا مِنْ مَعَاصِيهِمْ وَمَا سَبَقَ يَعْنِي أَنَّ تِلْكَ الْفِعْلَةَ كَانَتْ آخِرَ مَا فَعَلُوهُ فَنَزَلَتِ الْعُقُوبَةُ عِنْدَهَا وَلِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا مِنَ الْأُمَمِ الْقَرِيبَةِ مِنْهَا وَلِمَا خَلْفَهَا مِنَ الْأُمَمِ الْبَعِيدَةِ. وَالْمَوْعِظَةُ مَا بِهِ الْوَعْظُ وَهُوَ التَّرْهِيبُ من الشَّرّ.
[67]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 67]
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (67)
تَعَرَّضَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لِقِصَّةٍ مِنْ قَصَصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ظَهَرَ فِيهَا مِنْ قِلَّةِ التَّوْقِيرِ لِنَبِيِّهِمْ وَمِنَ الْإِعْنَاتِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْإِلْحَاحِ فِيهَا إِمَّا لِلتَّفَصِّي مِنَ الِامْتِثَالِ وَإِمَّا لِبُعْدِ أَفْهَامِهِمْ عَنْ مَقْصِدِ
الشَّارِعِ وَرَوْمِهِمُ التَّوْقِيفَ عَلَى مَا لَا قَصْدَ إِلَيْهِ. قِيلَ: إِنَّ أَوَّلَ هَذِهِ الْقِصَّةِ هُوَ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها [الْبَقَرَة: 72] الْآيَة وَإِنَّ قَوْلَ مُوسَى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً نَاشِيءٌ عَنْ قَتْلِ النَّفْسِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنَّ قَوْلَ مُوسَى قُدِّمَ هُنَا لِأَنَّ خِطَابَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُمْ قَدْ نَشَأَ عَنْهُ ضَرْبٌ مِنْ مَذَامِّهِمْ فِي تَلَقِّي التَّشْرِيعِ وَهُوَ الِاسْتِخْفَافُ بِالْأَمْرِ حِينَ ظَنُّوهُ هُزُؤًا وَالْإِعْنَاتُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَأُرِيدَ مِنْ تَقْدِيمِ جُزْءِ الْقِصَّةِ تَعَدُّدُ تَقْرِيعِهِمْ، هَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» وَالْمُوَجِّهُونَ لِكَلَامِهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا وَجَّهُوا بِهِ تَقْدِيمَ جُزْءِ الْقِصَّةِ لَا يَقْتَضِي إِلَّا تَفْكِيكَ الْقِصَّةِ إِلَى قِصَّتَيْنِ تُعَنْوَنُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِقَوْلِهِ: وَإِذْ مَعَ بَقَاءِ التَّرْتِيبِ، عَلَى أَنِ الْمَذَامَّ قَدْ تُعْرَفُ بِحِكَايَتِهَا وَالتَّنْبِيهِ عَلَيْهَا بِنَحْوِ قَوْلِهِ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ وَقَوْلِهِ: وَما كادُوا يَفْعَلُونَ [الْبَقَرَة: 71] .
فَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُمَا قِصَّتَانِ أَشَارَتِ الْأُولَى وَهِيَ الْمَحْكِيَّةُ هُنَا إِلَى أَمْرِ مُوسَى إِيَّاهُمْ بِذَبْحِ بَقَرَةٍ وَهَذِهِ هِيَ الْقِصَّةُ الَّتِي أَشَارَتْ إِلَيْهَا التَّوْرَاةُ فِي السِّفْرِ الرَّابِعِ وَهُوَ سِفْرُ التَّشْرِيعِ الثَّانِي (تَثْنِيَةٌ) فِي الْإِصْحَاحِ 21 أَنَّهُ «إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ لَا يُعْلَمُ قَاتِلُهُ فَإِنَّ أَقْرَبَ الْقُرَى إِلَى مَوْقِعِ الْقَتِيلِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 546
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست